الأربعاء، 10 أبريل 2013

المدرجات الزراعية في اليمن .





كانت اليمن في الزمن القديم واحة خضراء شبه إستوائية يغطيها غطاء نباتي كثيف يتكون من آلاف الاجناس والعائلات النباتية لاسيما منطقة جبال السرات الممتدة من الليث وسودة عسير شمالاً وحتى يافع وأبين جنوباً يليها المنطقة السهلية والساحلية التهامية من حدودها في الحجاز وحتى باب المندب جنوباً ايضاً.
هذان الناطقان هما الأوفر حظاً بالنسبة لمعدل سقوط الأمطار خلال فصول العام وتحديداً الصيف والخريف بالنسبة للمرتفعات حيث يزيد معدل سقوط الأمطار في بعض مناطق هذه السلسلة الى أكثر من«1000»مم في العام هذا في الحاضر في حين كانت الأمطار في العصور القديمة أضعاف المعدل الحالي.
عندما اكتشف الانسان اليمني الزراعة كمصدر جديد بعد أن قل أعتماده على الصيد بفعل انقراض اجناس الحيوانات توجه لاستصلاح الأراضي وكانت منطقة الجبال هي الأكثر جذباً للسكن حيث تتوافر مقومات البقاء «الماء والغذاء» بقدر أكبر وأكثر انتظاماً عنها في المناطق شبه الصحراوية والحرارية.
كان بناء المدرجات في سفوح الجبال يأخذ 70% من نشاط الفلاح وهو الإنسان الغالب في المجتمع بينما يمثل الوقت الباقي في الزراعة مثل الحراثة والبذر والحصاد الخ أي أن 70% من النشاط يكون لبناء واستصلاح مزيد من حيازة الأرض الزراعية. وبفعل هذا النشاط قضي على الغطاء النباتي والذي كان يشكل غابات واسعة على المدرجات أو على ضفاف الأودية والشعاب أو في المناطق الصخرية وهذه البقايا ظل يستفيد منها الانسان في التخشيب للمباني والاحتطاب وادوات الفلاحة الخ ولازالت نماذج بسيطة وعائلات محدودة لازالت حتى اليوم لم تنقرض كبقية التشكيلة التي انقرضت هذا بصرف النظر عن المناطق التي لازالت عامرة ببيئتها النبايتة.
  لم يكن يوجد جدران للمدرجات مبنية من الأحجار العادية فعملية البناء بالأحجار تطورت مع اتساع حاجة الانسان للتربة هذا في بعض الاحوال وحتى أصبحت المدرجات في الغالب هي مايبرزها الجدار الذي بني بالحجار العادية وظل هذا الانسان محافظاً على هذا الموروث اليمني آلاف السنين فالصيانة المستمرة كل سنة وعقب كل موسم مطر حافظ على بقاء التربة والمدرجات من الإنجراف والتعرية..
  المدرجات احتلت كل متر مربع توجد فيه تربة في سفوح الجبال وحتى المنحدرات الصخرية التي توجد فيها سطور من التربة استخدمت لبناء المدرجات ناهيك عن المناطق الصخرية الأقل انحداراً والتي تكون في مظهرها السطحي قابلة لمرور الإنسان جلب اليها الأرض من المناطق القريبة وبنى فيها مدرجات.
كانت هذه المدرجات ومحاصيلها بالنسبة للجبليين وهم السواد الأعظم من سكان البلاد مصدر عيشهم الوحيد في حين كان السهل التهامي يشكل رافداً للمدن وسكان الجبال إذا ماحصل جفاف وهذا بالنادر حيث كانت عملية تبادل تسويق الحبوب بين مناطق التواجد السكاني قائمة بحسب العرض والطلب.
مناطق الأغوار أو مناطق الغيول وهي محدودة كانت تزرع مدرجاتها محاصيل أخرى وأكثر من مرة في العام بفضل وجود الماء من الغيول السطحية وأخيراً وبعد أن اكتشف اليمنيون شجرة البن في الحبشة واستوردوا بذورها وزرعوها قبل أي انسان آخر في العالم سادت المناطق المروية شجرة البن واتسعت في المناطق الدافئة بين الحارة والباردة فكانت اليمن الذي ينتج ويصدر البن حتى أن الاوروبيين عرفوه بقهوة المخاء «Mokha» ونقلوا شتلاته الى أمريكا الجنوبية بعد اكتشافها فكانت البرازيل وحتى اليوم اكبر منتج للبن في العالم وانحدرت صادرات البن اليمني بفعل عوامل مختلفة منها هجرة المزارع واليد العاملة عموما في القرن الماضي لاسيما في ثلثيه الأخيرين وتقلص الحيازة وتلاشي مياه الغيول والأمطار أو تناقصها وأخيراً أهملت كثيراً من الحقول وهي في قيمتها أثمن من الحقول المعتمدة على مياه الأمطار ولاتزرع غير المحاصيل الموسمية كالحبوب: الشعير، القمح، الدخن، ومختلف المحاصيل الداخلية كالبقوليات..

اذاً فالقرن العشرون ومتغيراته جلبت عدداً من العوامل التي ساهمت في تعرض الزراعة عموما والمكلفة على وجه الخصوص لأضرار فادحة وهي المدرجات التي تتطلب جهداً اكثر من الحقول المسطحة مثل السهلية.
حالة المدرجات اليوم
كما سبق الذكر تعرضت الزراعة عموماً في بلادنا لانتكاسة أسبابها اضافة الى ماسبق على اليد العاملة تقلص المهارات لدى الجيل الحاضر وتلاشي الحيازة ناهيك عن تعرض البلاد لموجات جفاف كل هذا ساهم في اهمال كثير من المساحات على مستوى مختلف المناطق لاسيما سفوح الجبال التي يقل سقوط الأمطار فيها مقارنة بالمناطق الأكثر إرتفاعاً والأمثلة موجودة على ذلك منها بني سعد المحويت حراز محافظة صنعاء والحيمة وبني مطر ونفس الشيء في بقية المناطق التي تشكل المدرجات بنسبة 90% من الأرض التي كانت مزروعة.
  الاهمال وعدم وجود الصيانة التي كانت تصاحب الفلاحة ادت الى انجراف التربة وتهدم جدران المدرجات وظهرت التعرية فأصبح موضوع اعادتها كما كانت أمراً بالغ الصعوبة.
نماذج من المدرجات
هناك محافظات كما اسلفت تشكل المدرجات بنسبة 90% من الأرض المزروعة ومعتمدة على المطر ومنها المحويت في المقام الأول و م/ حجة 3مديريات برع عتمة وصابين م/ ريمة ومن ثم بقية المحافظات وفي مقدمتها إب صنعاء -تعز بالاضافة الى المحافظات في السهل التهامي المتبقي من المدرجات.
المناطق الحافية والحارة من سفوح الجبال لاسيما القريبة من السهل التهامي والتي تقاربها في الإرتفاع عن سطح البحر أهملت معظم المدرجات وأصبحت«طوارق» انجرفت التربة وتحولت الى سطور ومنحدرات تغطيها اشجار حراجية مثل السلام والظبه وانواع اخرى من الاكاسيا والشجيرات وكلها نباتات مقاومة للجفاف وبيئية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق